ضمان العيوب الخفية في القانون المصري

البيع في القانون المصري هو عقد يلتزم بموجبه البائع بتسليم شيء معين إلى المشتري، و يلتزم المشتري بدفع ثمن معين لذلك الشيء. هذا العقد يعتبر من أهم العقود المدنية و أكثرها شيوعًا في المعاملات اليومية و يجب أن يتوافر في عقد البيع.
أولاً الرضا و يقصد به اتفاق إرادتين: إرادة البائع و إرادة المشتري، على إنشاء العقد و تحديد موضوعه و شروطه،
و ثانياً محل العقد (المبيع): و هو الشيء المبيع الذي يجب أن يكون معينًا أو قابلاً للتعيين، و أن يكون مشروعًا قانونًا و قابلًا للتداول،
و ثالثاً الثمن: النقود التي يدفعها المشتري مقابل المبيع.
و يترتب على عقد البيع ان تنتقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري بمجرد تمام العقد، إلا إذا اتفق الطرفان على تأجيل انتقال الملكية و يترتب أيضا ضمان العيوب الخفية حيث يضمن البائع للمشتري خلو المبيع من العيوب الخفية التي تجعله غير صالح للاستعمال أو تقلل من قيمته.
ما هو العيب الخفي؟
العيب الخفي هو عطل أو نقص في شيء تم شراؤه، و لكنه لم يكن واضحًا للعيان عند إبرام العقد. بعبارة أخرى، هو عيب خفي على المشتري و لم يكن يعلم بوجوده.
فيجب لاعتبار العيب من العيوب الخفية؛ أن تكون العيوب كامنة في مادة الشئ المبيع ذاته و موجودة فيه وقت تسلم المشترى له و أن تنقص من قيمته بحسب الغرض الذى أعد له و أن يثبت المشترى عدم استطاعته أن يتبينها بنفسه لو فحص المبيع بعناية الرجل المعتاد ما لم يكن البائع قد أكد له خلو المبيع منها أو تعمد إخفائها غشا منه .
و لهذا فإن التزام البائع بضمان العيوب الخفية هو التزام تقتضيه طبيعة الأشياء لأن الشخص عندما يقوم بشراء شيء يفترض فيه أن يكون خالياً من العيوب و لو كان يعلم أن به عيباً لما تعاقد على شراءه أو تعاقد عليه و لكن بشكل و طريقة مختلفة.
و ضمان العيب يشمل جميع البيوع سواء كان محلها عقاراً أو منقولاً شيئاً مادياً أو غير مادي و من الأمثلة على ضمان العيب في البيوع الواردة على أشياء غير مادية فيما لو ورد البيع على متجر و تبين أن سمعته سيئة.
المواد القانونية التي تحكم ضمان العيوب الخفية في القانون المدني المصري
- مادة (447):
(1) يكون البائع ملزما بالضمان إذا لم يتوافر في المبيع وقت التسليم الصفات التي كفل للمشتري وجودها فيه، أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة مستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء، أو الغرض الذي أعد له، و لضمن البائع هذا العيب و لو لم يكن عالما بوجوده.
(2) و مع ذلك لا يضمن البائع العيوب التي كان المشترى يعرفها وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، إلا إذا أثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب، أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب غشا منه.
- مادة (448): لا يضمن البائع عيبا جرى العرف على التسامح فيه.
- مادة (449):
(1) إذا تسلم المشترى المبيع، وجب عليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك، وفقا للمألوف في التعامل، فإذا كشف عيبا يضمنه البائع وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة، فإن لم يفعل أعتبر قابلا للمبيع.
(2) أما إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ثم كشفه المشترى أوجب عليه أن يخطر به البائع بمجرد ظهوره، و إلا أعتبر قابلا للمبيع بما فيه من عيب.
- مادة (450): إذا أخطر المشترى البائع بالعيب في الوقت الملائم كان له أن يرجع بالضمان على النحو المبين في المادة 444.
- مادة (451): تبقى دعوى الضمان و لو هلك المبيع بأي سبب كان.
- مادة (452):
(1) تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع و لو لم يكشف المشترى العيب إلا بعد ذلك ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول.
(2) على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالنسبة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشا منه.
- مادة (453): يجوز للمتعاقدين لاتفاق خاص أن يزيدا في الضمان أو أن ينقصا منه أو أن يسقطا هذا الضمان، على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلا إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب في المبيع غشا منه.
- مادة (454): لا ضمان للعيب في البيوع القضائية، و لا في البيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد.
- مادة (455): إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل في المبيع، فعلى المشترى أن يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من ظهوره و أن يرفع الدعوى في مدة ستة شهور من هذا الإخطار، و إلا سقط حقه في الضمان، كل هذا ما لم يتفق على غيره.
لكي يعتبر العيب خفيًا و يحق للمشتري المطالبة بالضمان، يجب أن تتوافر فيه الشروط التالية
1- أن يكون العيب موجودًا وقت العقد:
أي أن يكون العيب موجودًا في الشيء المبيع قبل إبرام العقد و بعده و قبل التسليم ذلك أن البائع لا يضمن العيب الا اذا كان قديم. و يقصد بالقدم هنا أن يكون العيب موجوداً في المبيع وقت التسليم . و يكفي أن يكون العيب موجودا في المبيع وقت التسليم، و لو لم يكن موجودا وقت العقد، أما اذا نشأ العيب بعد التسليم فإن البائع لا يضمنه، و إذا ثبت أن العيب كان موجوداً في المبيع قبل تسليمه، إلا أن نتائجه لم تستفحل الا بعد ذلك كان البائع ضامناً له، فيكفي إذن وجود أصل العيب وقت التسليم.
2- أن يكون العيب خفيًا:
أي أن يكون العيب غير ظاهر للعيان و لا يمكن اكتشافه بالفحص العادي، و لا يعلمه المشتري وقت البيع ذلك أن البائع لا يضمن عيباً كان المشتري يعرفه وقت البيع أو كان يستطيع أن يتبينه بنفسه لو أنه فحص المبيع بما ينبغي من العناية إلا إذا أثبت المشتري أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب أو أنه قد تعمد إخفاؤه غشاً منه؛ فلا يكفي أن يكون العيب خفياً، بل يجب فوق ذلك أن يكون المشتري غير عالم به وقت العقد، فلو أن المشتري كان يعلم بالعيب رغم خفائه فإن البائع لا يكون ضامنا له لأن إقدام المشتري على الشراء رغم علمه بالعيب يدل على أنه رضي بالشئ على ما هو عليه عند التعاقد و أدخله في حسابه عند تقدير الثمن.
3- أن يكون العيب مؤثرًا:
و العيب المؤثر هو الذي يؤدي الى نقص في قيمة المبيع أو نقص في منفعته بحسب الغاية المقصودة مستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشئ أو الغرض الذي أعد له، و هناك فارق بين النقص في القيمة و بين النقص في المنفعة، فالنقص في القيمة يمكن التعرف عليه عن طريق تحديد قيمة المبيع في السوق، أما النقض في المنفعة فإنه يتحدد على أساس الغرض الذي يهدف المشتري الى استخدام المبيع فيه و بغض النظر عن قيمة المبيع في السوق.
و على ذلك فإن الغاية المقصودة من المبيع تستخلص مما هو مبين في العقد أو من طبيعة الشئ أو من الغرض الذي أعد له، و لا يضمن البائع العيب الا اذا كان على قدر من الجسامة و الأهمية و تقدير جسامة العيب أمر متروك لقاضي الموضوع يفصل فيه بحسب المعايير السابقة، و كلها موضوعية لا شخصية و لا يضمن البائع عيباً جرى العارف على التسامح فيه.
حقوق المشتري في حالة وجود عيب خفي
إذا توافرت شروط العيب الخفي، يحق للمشتري اتخاذ أحد الإجراءات التالية:
- فسخ العقد: أي إرجاع الشيء المبيع و استرداد الثمن المدفوع
- الاحتفاظ بالشيء و تقليل الثمن: أي الاحتفاظ بالشيء مع الحصول على خصم من الثمن يعادل قيمة العيب.
متى يسقط حق المدعي في رفع دعوى ضمان العيب الخفي؟
هناك بعض الحالات التي تسقط فيها حق المشتري في المطالبة بالضمان، مثل:
إذا كان المشتري على علم بالعيوب أو كان يجب عليه أن يعرفها، فلا يحق له المطالبة بالضمان أو إذا كان العيب ناتجًا عن سوء استخدام المشتري للشيء المبيع، فلا يحق له المطالبة بالضمان.
و المشرع لم يترك سقوط حق المشتري في دعوى الضمان بالتقادم للقواعد العامة، و إنما حدد لسقوطها مدة تقادم قصيرة و هي سنة تبدأ من وقت تسليم المبيع و لو لم يكتشف المشتري العيب خلال هذه المدة، و لقد أراد المشرع بذلك أن يحسم النزاع في فترة وجيزة تالية للبيع مما يؤدي الى استقرار المعاملات. و المقصود بالتسليم في هذه الحالة هو التسليم الفعلي لا الحكمي لأن التسليم الفعلي هو الذي يهيئ الفرصة للمشتري لفحص المبيع على نحو يمكنه من كشف العيب .حيث نصت المادة 496 من القانون المدني على أنه:
1- تسقط دعوى ضمان العيب اذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع، و لو لم يكشف المشتري العيب الا بعد ذلك، ما لم يقبل البائع ان يلتزم بالضمان لمدة أطول.
2- وليس للبائع ان يتمسك بالسقوط، اذا ثبت انه تعمد اخفاء العيب غشا منه.
و مدة التقادم المذكورة تقبل الانقطاع و لكنها لا تقبل الوقف و لو كان الدائن في الدعوى (المشتري) غير كامل الأهلية أو غائباً أو محكوماً عليه بعقوبة جنائية, و لم يكن له من يمثله قانون.